الأربعاء، 3 ديسمبر 2008

تحديات ما بعد الانتخابات - رائد دلاشة


سجلت نسب التصويت في الانتخابات التي ولت للتو أرقاما كبيرة في البلدات العربية مقارنة مع تلك في البلدات اليهودية، على الرغم من أن البعض ذهب في ذلك باتجاه التعصب الحمائلي والطائفي و"أنصر أخاك"، إلا أنه لا يمكننا أن نعرج على هذه النسب المرتفعة جداً في غالبية البلدات دون نُذوت دواعي هذه المشاركة، وهي حقيقة أن المواطن العربي يرى وبحق أن السلطات المحلية هي المكلفة بإدارة شؤونه اليومية، بصورة مباشرة، وهي التي تحدد المناخ المحلي الذي يربى أطفاله فيه، يتلقون فيه تعليمهم ويصقلون فيه شخصيتهم ويحددون معالم مستقبلهم.
هذه الحقيقة لا تجعلنا نضع رأسنا في الرمل، دون أن ننظر وبقلق إلى تحول العديد من سلطاتنا المحلية إلى "هدف" نتسابق من خلاله على الوظائف والمناقصات، يفوز بها مقاولي الأصوات "الأذكياء" الذين يعرفون في أي سلة يضعون بيضهم!
هذه الظاهرة التي استفحلت مع مرور الأعوام أعادتنا سنوات إلى الوراء، نتعطش فيها إلى قطرة مياه في خزان المنزل، بقدر ما يتعطش شبابنا وشابتنا الأكاديميين العاطلين عن العمل إلى وظيفة توفر لهم لقمة العيش، في ظل تكريس الحكومات الإسرائيلية لهذه الأزمة وعدم بناء مشاريع واستيعابهم كمواطنين متساوين في أماكن عمل تلبي تطلعاتهم وتلاءم مؤهلاتهم.
لقد أفرزت الانتخابات الأخيرة في العديد من البلدات رؤساء جدد، عدد كبير منهم من الشباب الطموحين، الذين انتصروا بفضل برامجهم الانتخابية وشعور المواطنين أنهم قادرين أن الانتقال ببلداتهم إلى بر الأمان، اجتماعيا وسياسيا، والقضاء على هذه الظواهر التي ذكرت. حيث لم يعد يحتمل أن تكرس السياسات السابقة التي رهلت مجتمعنا، وعاثت فيه خراباً كبيراً، وبات من الضروري أن يرتقي الرئيس "المنتظر" بأدائه ولا نريد أن نقول بأخلاقه كذلك.
من واجب منتخبينا الجدد والمتجددين، أن يثبتوا قدراتهم الإدارية في المقام الأول، وأن يحددوا تفاصيل برامجهم المستقبلية للخمس سنوات القادمة، وأهدافهم الإستراتيجية ، وهذا الأمر يحتم عليهم التصرف بتواضع والتعامل مع الأمور بمهنية، ولذلك يجب أن يتم التشاور مع مهنيين ومختصين في العديد من الجوانب في سبيل تحقيق هذه الأهداف وقطف ثمار طيبة، وهذا لا ينقص من شان أي رئيس بل يقويه ويعزز موقعه.

مهمة مجالسنا البلدية لا تتوقف عند تسيير الأمور اليومية للمواطنين، فواقعنا لم يعد يحتمل أن تدار هذه المؤسسة بشكل عشوائي، فهي تحمل عندنا أهمية استثنائية، في مواجهة التمييز القومي والمدني ضد جماهيرنا ، في ظل تقليص مناطق نفوذ بلداتنا، ولهث السلطة إلى اقتطاع المزيد من أرضينا، وسياسة الخنق المالي المريرة، فلذلك على الرؤساء أن يكونوا جاهزين لهذه التحديات، التي ذكرها جميعهم في برامجهم الانتخابية.

ليست هناك تعليقات: